اكتست قرية معصرة صاوي التابعة لمحافظة الفيوم بالسواد، وتحولت شوارعها إلى سرادق عزاء مفتوح، بعد أن فقدت 7 من أبنائها، بينهم أطفال لم يتجاوز بعضهم 15 عامًا، لقوا مصرعهم في حادث مأساوي على طريق الواحات أثناء عودتهم من يوم عمل شاق في جمع الطماطم بحثًا عن لقمة العيش.
لم يكونوا في رحلة ترفيه، ولم يحملوا أحلامًا كبيرة، بل خرجوا فجرًا ليكونوا سندًا لآبائهم وأمهاتهم. أطفال أخذوا إجازات من مدارسهم لبضعة أيام، يعملون مقابل 200 جنيه في اليوم، يساهمون بها في مصروفات البيت وتخفيف أعباء الحياة القاسية.
رحلة الفجر الأخيرة
في تمام الخامسة صباحًا، وسط برد قارس، غادر الأطفال قريتهم على متن سيارة سوزوكي كانت تقل أكثر من 14 شخصًا، رغم أن حمولتها القانونية لا تتجاوز 7 أفراد فقط، في رحلة عمل اعتادوها يوميًا، دون أن يعلموا أنها ستكون رحلة بلا عودة.
كان لكل طفل حلم بسيط لا يتجاوز حدود القرية؛ أحدهم كان يحلم بشراء بنطال جديد، وآخر كان يتمنى قميصًا يفرح به، وثالث كان ينتظر العودة مساءً ليضع أجر يومه في يد والده أو والدته، ويرى الابتسامة على وجوههم وهو يشارك في مصاريف البيت.
الطريق الإقليمي يبتلع الطفولة
وأثناء العودة مساءً إلى قريتهم بمحافظة الفيوم، وعلى الطريق الإقليمي، انقلبت السيارة بسبب السرعة الزائدة، واشتعلت بها النيران، لتتحول رحلة العودة إلى جحيم مفتوح، وتنتهي الأحلام على الأسفلت، وتتفحم أجساد صغيرة لم تعرف من الدنيا سوى التعب.
لم تكن مجرد لحظة حادث، بل كانت نهاية طفولة كاملة، وانكسار قرية بأكملها.
اليوم، تعيش قرية معصرة صاوي مأساة لا تُوصف؛ فأمهات فقدن أبناء خرجوا طلبًا للرزق فعادوا في أكياس جثامين،
وآباء يقفون عاجزين أمام فاجعة أكبر من قدرتهم على الاحتمال، وبيوت أُغلقت أبوابها حدادًا على أطفال لم يُكملوا تعليمهم.
شهداء لقمة العيش
رحل الأطفال وهم يحاولون فقط أن يساعدوا أسرهم، لم يطلبوا من الدنيا سوى يوم عمل وعودة آمنة، لكن الطريق كان أقسى من قلوبهم الصغيرة.
سبعة أطفال صغار في العمر، كبار في المسؤولية، تحولوا في لحظة إلى شهداء لقمة العيش، وتركوا قرية معصرة صاوي بالفيوم تبكي أبناءها وطفولتها المحترقة.


















0 تعليق