رغم تشديد سياسات الهجرة واللجوء في ألمانيا خلال العامين الماضيين، أظهرت بيانات رسمية أن الحكومة الائتلافية أصدرت أكثر من 100 ألف تأشيرة لمّ شمل عائلي خلال عام 2025، في مؤشر يعكس استمرار الالتزام الإنساني، وإن كان ضمن ضوابط قانونية أكثر صرامة.
وبحسب إحصاءات صادرة عن وزارة الخارجية الألمانية ونشرتها صحيفة فيلت أم زونتاج، تمت الموافقة حتى نهاية شهر نوفمبر على 101 ألف و756 تأشيرة مخصصة لمّ شمل عائلات اللاجئين والمقيمين الأجانب، معظمهم من جنسيات تمثل النسبة الأكبر من طالبي اللجوء في البلاد.
الجنسيات الأكثر استفادة من تأشيرات لمّ الشمل
تصدّر المواطنون الأتراك قائمة الحاصلين على تأشيرات لمّ الشمل بواقع 14,907 تأشيرات، تلاهم السوريون بـ 13,148 تأشيرة، ثم الهنود بعدد 9,286 تأشيرة. كما شملت القائمة مواطني كوسوفو بـ 7,143 تأشيرة والألبان بـ 4,426 تأشيرة، ما يعكس تنوعاً في مصادر الهجرة إلى ألمانيا، وعدم اقتصارها على مناطق النزاعات فقط.
الأطفال والأزواج في صدارة لمّ الشمل
أظهرت البيانات أن لمّ شمل الأطفال مع ذويهم شكّل أكثر من ثلث إجمالي الحالات، بواقع 37,227 تأشيرة، في تأكيد على أولوية البعد الإنساني المرتبط بحق الأطفال في الحياة الأسرية المستقرة.
في المقابل، أصدرت السلطات الألمانية نحو 3,500 تأشيرة فقط لمّ شمل الآباء مع أطفالهم، ما يعكس القيود الصارمة المفروضة على هذا النوع من الطلبات.
أما الفئة الأكبر، فكانت تأشيرات لمّ شمل الأزواج، إذ مُنحت 44,426 تأشيرة لأزواج أجانب مقيمين في ألمانيا، إضافة إلى 16,298 تأشيرة لأشخاص انتقلوا للعيش مع أزواج يحملون الجنسية الألمانية.
الإطار القانوني والاستثناءات الإنسانية
يقتصر حق لمّ الشمل العائلي في ألمانيا في الغالب على ما يُعرف بـ"الأسرة النواة"، أي الزوجين والأطفال القُصّر، مع وجود استثناءات محدودة للحالات الإنسانية الخاصة.
وبموجب تعديل قانوني أُقر في مارس 2024، أصبح بإمكان ذوي الكفاءات العالية والعمالة المتخصصة استقدام آبائهم وأصهارهم، بشرط قدرتهم على إعالة الأسرة بالكامل دون الاعتماد على المساعدات الحكومية.
تعليق لمّ الشمل للحماية الثانوية
في سياق تشديد السياسات، قررت الحكومة الألمانية في يوليو الماضي تعليق لمّ الشمل العائلي لمدة عامين للأشخاص الحاصلين على ما يُعرف بـ"الحماية الثانوية"، وهي فئة تضم أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين. ولا يُسمح لهذه الفئة باستقدام الأزواج أو الأطفال القُصّر إلا في حالات إنسانية استثنائية.
دلالات سياسية إنسانية.
تعكس هذه الأرقام التوازن الدقيق الذي تحاول الحكومة الألمانية تحقيقه بين ضبط الهجرة والوفاء بالتزاماتها الإنسانية، وسط نقاش سياسي محتدم حول مستقبل سياسات اللجوء ولمّ الشمل في ألمانيا، وتأثيرها على الاندماج الاجتماعي والاستقرار الديموغرافي في البلاد.


















0 تعليق