في أجواءٍ يختلط فيها السكون بالرهبة، وتتعانق فيها المقامات مع المعاني، جاءت الحلقة الثالثة عشرة من برنامج «دولة التلاوة» لتؤكد أن تلاوة القرآن الكريم ليست مجرد أداء صوتي، بل رسالة روحية وفنية متكاملة.
المواجهة نموذجًا نادرًا يجمع بين سلامة الأحكام وجمال الأداء
حلقة حملت بين ثناياها تنافسًا رفيع المستوى بين المتسابقين عمر علي ومحمد حسن عبد الحليم، وسط إشادة واسعة من لجنة التحكيم التي رأت في المواجهة نموذجًا نادرًا يجمع بين سلامة الأحكام وجمال الأداء.
نخبة من كبار علماء القراءات وخبراء الأصوات
منذ اللحظات الأولى للتلاوة، بدا واضحًا أن المنافسة لن تكون سهلة، فكل قارئ دخل ساحة التحدي وهو يحمل أدواته الصوتية، واجتهاده، وشغفه بإيصال المعنى قبل النغمة. اللجنة، التي ضمت نخبة من كبار علماء القراءات وخبراء الأصوات، تعاملت مع الأداء بميزان دقيق، لا يجامل ولا يتغافل، واضعة نصب أعينها هدف البرنامج الأسمى: صناعة قارئ متكامل.
صوت عمر علي يتمتع بعذوبة خاصة
الشيخ حسن عبد النبي توقف عند قراءة محمد حسن، معتبرًا إياها قراءة حسنة ومتزنة، تعكس وعيًا واضحًا بقواعد التلاوة، فيما أشار إلى أن صوت عمر علي يتمتع بعذوبة خاصة، لكنه ما زال متأثرًا بنماذج تقليدية، ويؤدي بحذر رغم إتقانه للأحكام. ملاحظات لم تُطرح كانتقاص، بل كإشارات تطويرية في مسار طويل.
أما الدكتور طه عبد الوهاب، فقد وصف المواجهة بأنها من الأصعب، نظرًا لالتزام المتسابقين بأسلوب الترتيل، موضحًا أن محمد استخدم بعض المقامات التي لم تخدم معاني الآيات بالشكل الأمثل، بينما تألق عمر في حسن اختيار المقام، وقدرته على توظيف صوته بما يتماشى مع السياق القرآني، ما جعله يلفت انتباه اللجنة ويترك أثرًا خاصًا.
القارئ الشيخ طه النعماني أشار إلى سلامة القراءتين، مؤكدًا أن عمر علي حقق تطورًا ملحوظًا وقفزة حقيقية في مستوى الأحكام، بينما شدد الشيخ أحمد نعينع على جمال الصوتين وخلو الأداء من الأخطاء، متوقعًا أن يحمل القادم تحسنًا أكبر لعمر مع مزيد من الخبرة والاطمئنان.
الداعية مصطفى حسني بدوره ركز على البعد الروحي، معتبرًا أن التلاوة جاءت معبرة وصادقة، وتعكس اجتهادًا حقيقيًا من المتسابقين في تقديم رسالة القرآن بروح خاشعة.
ولا يقتصر تميز «دولة التلاوة» على المنافسة وحدها، بل يمتد إلى حجم المشاركة غير المسبوق، حيث تقدم لاختبارات البرنامج أكثر من 14 ألف متسابق من مختلف محافظات مصر، جرى تصفيتهم عبر مراحل دقيقة انتهت باختيار 32 موهبة فقط للمراحل النهائية، تحت إشراف علمي من وزارة الأوقاف.
البرنامج، الذي يُعرض على قنوات الحياة وCBC والناس ومنصة Watch It، ويقدَّم بصوت وإطلالة الإعلامية آية عبد الرحمن، يرسخ لدور مصري رائد في الحفاظ على مدرسة التلاوة الأصيلة، ويدعم جيلًا جديدًا من القراء القادرين على حمل الراية.
ومع جوائز تبلغ قيمتها 3.5 مليون جنيه، وتكريم يصل إلى تسجيل المصحف الشريف كاملًا للفائزين وإمامتهم لصلاة التراويح بمسجد الإمام الحسين، يواصل «دولة التلاوة» ترسيخ مكانته كأحد أهم المشاريع الدينية والإعلامية في السنوات الأخيرة، جامعًا بين الأصالة، والاحتراف، وصناعة المستقبل.

















0 تعليق