للمجد عزة، وللتاريخ عنوان، وللكرامة بصمات ثابتة، وفي يوم 3 نوفمبر، يتجدد العهد بالتضامن والوحدة، والوطنية والانتماء، والتآلف والتآزر، مع احتفال الدولة بيوم العَلَم الإماراتي، الذي ترفرف رايته عالية، لأن له قصة تروى بالمجد والعزة والفخار.
اليوم والجميع يحتفل بالعَلم الذي يعلو شامخاً، تنتعش الذاكرة بقصة رفع علم الإمارات، التي جاءت بازغة الرفعة، صلبة الوقفة، صادقة الكلمة، دولة البذل المتواصل، والعطاء بسخاء، غير مرحبة سوى بالتحضر، والتطور والتقدم.
ففي الثاني من ديسمبر 1971 رفع الأب المؤسس المغفور له زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، على سارية العلم في «دار الاتحاد» في إمارة دبي، عقب اجتماع بين أصحاب السموّ حُكام الإمارات السبع ليُصدر إقراراً وبياناً خاصاً بانتخابه رئيساً للدولة، وإعلان قيام الإمارات العربية المتحدة، وحينها أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية بهذه المناسبة العظيمة.
وكان المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه آنذاك، ولي العهد رئيس الوزراء، وعقب إعلان قيام الدولة، توجه إلى ساحة قصر المنهل العامر، وأمر برفع العلم الاتحادي على سارية القصر، ورفع اثنان من جنود الحرس الأميري العلم معه، ورفع يده بالتحية لعلم الاتحاد الذي رفرف على الدولة لأول مرة، وسجل التاريخ لحظة لا تتكرر.
اقوال فخر
واعتزاز صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله جلياً بعلم الدولة، رمز الكرامة والشرف، وقول سموّه «في يوم العلم رفعنا بكل فخر واعتزاز علم الدولة، تجسيداً لما يمثله من معاني العزة والمجد والشموخ، وبإذن الله تعالى وسواعد أبناء الوطن وإخلاصهم وتكاتفهم، ستظل راية الإمارات عالية خفاقة على الدوام، ورمزاً للتقدم والطموح والإنجاز». كما قال سموّه «في يوم العلم يزداد فخرنا براية العز والمجد التي تظلنا.. ويتعمق تصميمنا على أن نبقيها دائماً رمزاً عالمياً للتميز، والتقدم والتفرد».
مبادرة سامية
ومع السنوات، وفي عام 2012، وبتعزيز مكانة إمارات السيادة، والكيان المستقل، وحماية الحقوق والمكتسبات، وحفظ الأمن وتكريس الأمان، أطلق صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة الاحتفاء بيوم العلم الإماراتي، وجرى اعتماده مناسبة وطنية سنوية عام 2013، تصادفاً مع ذكرى تولي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئاسة الدولة آنذاك. ودعا صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، جميع المؤسسات الحكومية والخاصة والوزارات والمدارس، للاحتفاء بيوم العلم، ورفعه عالياً تعبيراً عن وحدة شعب الإمارات بمؤسساته وأطيافه، قائلاً سموّه «نريد أن نراه على بيوتنا ومزارعنا ومرافقنا. نريده في السماء عالياً كطموحاتنا، عزيزاً كنفوسنا، خفاقاً على جميع أركان وطننا».
احتفالات متنوعة
ومع توالي الاحتفاء بيوم العلم سنوياً، لا تتوانى أي من جهات الدولة، ومواطنيها ومقيميها، وبمشاعر صادقة، وإحساس قوي، وولاء وطني حقيقي، عن رفع العلم، سواء فوق المباني الرسمية الحكومية، أوأمام الفنادق، وفوق أبراج المراقبة في المطارات، والموانئ البرية والبحرية الإماراتية، وفوق الأندية، والجامعات، والمؤسسات التعليمية، وعلى أسطح المنازل، لتزدان جميعها به.
فضلاً عن انطلاق فعاليات واحتفاليات متنوعة مبهجة في جميع أنحاء الدولة، ورفع العلم فوق سفارات الدول تعبيراً عن عزة إمارات الأب المؤسس زايد الحكمة والرحمة والتكافل، وحماية حقوق شعبها، ونصرة القضايا العربية والإسلامية، فيما يوجد العلم في صدارة الوثائق الرسمية، والمطبوعات، وغيرها.
قصة التصميم
ولتصميم العلم قصة يرويها مصممه عبدالله محمد المعينة، قائلاً: إنه قرأ إعلاناً عن طرح مسابقة لتصميم علم خاص باتحاد دولة الإمارات، من الديوان الأميري في أبوظبي. وتقدم للمسابقة 1030 تصميماً، جرى اختيار 6 فقط منها في ترشيح أولي، ووقع الاختيار النهائي على الشكل الحالي للعلم، واستلهم ألوانه من الأبيات الشعرية للشاعر العربي صفي الدين الحلي، وتقول في مطلعها:
بيضٌ صنائعُنا خُضْرٌ مَرابعُنا
سودٌ وقائعُنا حُمرٌ مَواضينا
حيث يتضمن العلم أربعة ألوان هي الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، وترمز للوحدة العربية، وطوله نصف عرضه.
ولكل لون من ألوان علم الإمارات معنى وطني أصيل، فالأحمر يرمز إلى الشجاعة والقوة والتضحية، ويعكس إرث الأجداد الذين دافعوا عن الأرض، وبذلوا الغالي والنفيس من أجل الوطن. والأسود يدل على القوة والعزيمة والمهابة، ويعبر عن رفض الظلم، والتحدي في وجه الصعاب. والأبيض يرمز إلى السلام والخير والعطاء، ويُجسد النهج الإنساني لدولة الإمارات في الداخل والخارج، ومبادراتها العالمية في الإغاثة والتنمية. والأخضر يرمز إلى النماء والازدهار، ويمثل طموح الإمارات في التنمية المستدامة، وبيئتها الخضراء، ومستقبلها المزدهر.
مرسوم الإنشاء
تضمن مرسوم إنشاء العلم، الذي نشر في الجريدة الرسمية، نص القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 1971، بشأن مقاييسه وشكله، حيث نص على أن «يكون علم دولة الإمارات العربية المتحدة على الشكل والمقاييس والألوان التالية: مستطيل طوله ضعف عرضه، ويقسم إلى أربعة أقسام مستطيلة الشكل، القسم الأول منها لونه أحمر بشكل طرف العلم القريب من السارية، طوله بعرض العلم، وطول عرضه مساوٍ لربع طول العلم، أما الأقسام الثلاثة الأخرى فتشكل باقي العلم وهي أفقية متساوية.
وتجسيداً لأهمية ما يرمز إليه العلم، جرّم القانون الاتحادي رقم 2 لعام 1971، في مادته الثالثة، كل من أسقط أو أتلف أو أهان بأية طريقة كانت علم الاتحاد، أو علم إمارة من الإمارات الأعضاء في الاتحاد، أو علم إحدى الدول الأخرى، كراهية أو احتقاراً لسلطة الاتحاد، أو الإمارات، أو لسلطة تلك الدول، ويعاقب من يرتكب ذلك الجرم بالحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على ألف درهم إماراتي.
فرسان العلم
لتأجيج مشاعر الوحدة والسلام والوفاء في نفوس أبناء الدولة، وتأكيد مكانة العلم، جاءت لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أبياتاً شعرية في قصيدة نشرها بمناسبة «يوم العلم» بعنوان «فرسان العلم»، مطلعها:
العَلَمْ لي كانْ زايدْ رافْعِنِّهْ
هوُ أمانتنا نعيشْ ونِرفَعَهْ
وأكمل ليؤكد وحدة الصف الإماراتي:
صفِّنا واحدْ أبَدْ ماجَتْهِ هَنِّهْ
مِنْ سنَةْ سبعينْ ما حَدْ زعزَعَهْ


















0 تعليق