أكد الإعلامي مصطفى بكري أن تجربة مصر الاقتصادية تختلف جذريًا عن تجربة الأرجنتين، مشددًا على أن المقارنة بين البلدين تفتقر إلى الدقة إذا لم تُراعَ الخصوصية السياسية والاقتصادية لكل دولة. فمصر، بحسب هذا الطرح، تخوض مسارًا إصلاحيًا له طبيعة خاصة، يقوم على التدرج ومحاولة الحفاظ على استقرار الدولة، في حين أن الأرجنتين عانت طويلًا من سياسات متقلبة وأزمات هيكلية متراكمة.

تحديات غير مسبوقة

واوضح مصطفى بكري خلال تقديمه حلقة رصدها تحيا مصر من برنامجه حقائق وأسرار، المذاع عبر شاشة صدى البلد، أن الاقتصاد المصري واجه خلال السنوات الأخيرة تحديات غير مسبوقة، أبرزها الأزمات العالمية المتلاحقة، من جائحة كورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبع ذلك من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء واضطراب الأسواق الدولية. ورغم ذلك، سعت الدولة إلى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يهدف إلى إعادة هيكلة الدعم، وزيادة موارد النقد الأجنبي، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي، مع الحفاظ على قدر من الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا.

بكري: تجربة الأرجنتين مثالًا على اقتصاد يعاني من اختلالات مزمنة

واستدرك تُعد تجربة الأرجنتين مثالًا على اقتصاد يعاني من اختلالات مزمنة، مثل التضخم الجامح، وضعف الثقة في العملة المحلية، وتكرار حالات التعثر في سداد الديون. هذه الأزمات نتجت عن عقود من السياسات المالية غير المستقرة، والاعتماد المفرط على الاقتراض الخارجي دون وجود قاعدة إنتاجية قوية قادرة على دعم النمو المستدام.

مصطفى بكري أشار إلى أن الدولة المصرية تتعامل مع ملف الدين العام بحذر نسبي، حيث يتم توجيه جزء كبير من الاقتراض إلى مشروعات بنية تحتية وتنموية تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار وخلق فرص عمل. كما أن مصر تعمل على تنويع مصادر الدخل، سواء من خلال السياحة، أو الصادرات، أو مشروعات الطاقة، وهو ما يميزها عن نماذج اقتصادية اعتمدت على مصادر محدودة للدخل.

بكري: الاستقرار السياسي والمؤسسي في مصر يلعب دور محوري

ورأى بكري، أن الاستقرار السياسي والمؤسسي في مصر يلعب دورًا محوريًا في تجنب السيناريوهات الحادة التي شهدتها الأرجنتين. فوجود رؤية واضحة لدى القيادة السياسية، وسعي الحكومة إلى تنفيذها رغم الصعوبات، يمنح الاقتصاد قدرًا من المرونة في مواجهة الصدمات الخارجية.

في النهاية، يرى بكري أن التحديات الاقتصادية في مصر حقيقية ولا يمكن إنكارها، لكنها تختلف في طبيعتها وحدّتها عن الأزمات التي مرت بها الأرجنتين. فالمسار المصري، رغم صعوبته، يستند إلى محاولة بناء دولة قوية واقتصاد متنوع، وهو ما يجعل التجربة المصرية حالة خاصة لا يجوز اختزالها في مقارنات سطحية مع تجارب أخرى.