عاشت الفنانة الكبيرة سامية جمال واحدة من أكثر ليالي رأس السنة غرابة وإثارة في مسيرتها الفنية، ليلة اختلطت فيها الأضواء الأوروبية الباردة بالحنين الشرقي الدافئ، لتتحول إلى حكاية طريفة ظلّت تُروى لسنوات بوصفها واحدة من أشهر مغامرات راقصة مصر الأولى خارج الوطن.
احتفال سامية جمال بـ ليلة رأس السنة
في تلك الليلة الشتوية الباريسية التي يرصد تفاصيلها موقع تحيا مصر، كانت سامية جمال تحيي فقرات فنية داخل أحد الملاهي الليلية الشهيرة، حيث التف حولها جمهور أوروبي منبهر بفنها وحضورها الاستثنائي، ومع اقتراب عقارب الساعة من منتصف الليل، أدركت سامية أن طقوس الاحتفال هنا تختلف كثيرًا عمّا اعتادته في القاهرة؛ لا دفء العائلة، ولا لمّة الأصدقاء العرب، ولا تلك الروح الشرقية التي ترافق استقبال عام جديد.
وسط هذا الإحساس بالغربة، اتخذت سامية قرارها سريعًا: لن تمر ليلة رأس السنة كأي ليلة عمل عادية، أمسكت الهاتف وبدأت في الاتصال بأصدقائها العرب المقيمين في باريس، متفقين على سهرة خاصة تجمعهم بعيدًا عن صخب العمل وضغوطه، احتفالًا بطريقتهم الخاصة، على أنغام الضحك والذكريات.
ارتداء سامية جمال لـ «الملاية اللف» في باريس
غير أن الرياح لم تجرِ بما اشتهت الفنانة المصرية، فبينما كانت تستعد لمغادرة الفندق، فوجئت بمدير الملهى يلاحقها بإلحاح شديد، بعدما طالب الجمهور بعودتها لتقديم فقرة إضافية، حاولت سامية التهرب بلطف، ثم لجأت إلى حيلة بسيطة مدّعية أنها غادرت الفندق بالفعل، لكن المدير لم يقتنع، وأصر على الانتظار، مدفوعًا بإغراء الأرباح ورغبة الجمهور الجامحة في مشاهدة رقصها مرة أخرى.
هنا برز ذكاء سامية جمال وحضور بديهتها، ففي لحظة سريعة، ارتدت «الملاية اللف» فوق فستان السهرة الأنيق، وأخفت ملامحها جيدًا، لتغادر الفندق متخفية برفقة إحدى صديقاتها، متسللة بعيدًا عن أعين الإدارة والجمهور، متجهة إلى مكان الاحتفال المتفق عليه.
انتهى المطاف بهما في ملهى صغير بأحد ضواحي باريس، بعيد عن الأضواء والأسماء الكبيرة. هناك، عاشت سامية سهرة مختلفة تمامًا؛ بلا أضواء مسرح، ولا تصفيق جمهور، بل جلسة ودّية ضمت أصدقاء عرب، ضحكوا، تبادلوا القصص، واستقبلوا العام الجديد بروح بسيطة صادقة.
سهرة سامية جمال في رأس السنة
طوال السهرة، لم تفارق سامية «الملاية اللف»، ليس تمسكًا بالزي الشعبي، بل خوفًا من انكشاف أمرها ومطالبتها بتعويض مادي عن الفقرة التي لم تُقدَّم، ورغم هذا القلق الخفي، مرت الليلة بسلام، وانتهت دون مفاجآت، لتعود سامية إلى فندقها وقد نجحت في صنع ليلة رأس سنة على مقاس قلبها.
هكذا انتهت واحدة من أشهر حكايات رأس السنة في حياة سامية جمال، حكاية تكشف جانبًا إنسانيًا طريفًا من شخصية فنانة كبيرة، لم تكن فقط نجمة على المسرح، بل امرأة تعرف كيف تختار لحظتها، وتدافع عن حقها في الفرح، حتى ولو كان ذلك تحت عباءة «الملاية اللف» في شوارع باريس الباردة.


















0 تعليق