أكد مارون كيروز، المدير العام لدى المنتدى الاقتصادي العالمي، ورئيس مركز المناطق والتجارة والجغرافيا السياسية، أن العالم يعيش اليوم مرحلة غير مسبوقة من التشرذم والانقسام بين القوى الكبرى، في ظل تصدع العلاقات الدولية وتراجع مستويات الثقة العالمية، مشيراً إلى أن الحاجة إلى التعاون المشترك أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
وأوضح في تصريحات صحفية على هامش الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية والأمن السيبراني في دبي، أن العلاقات الاقتصادية بين الدول الكبرى، رغم التوترات السياسية، ما زالت قائمة، مستشهداً بالتبادل التجاري بين الولايات المتحدة والصين الذي يبلغ نحو مليار دولار يومياً على الرغم من الخلافات التجارية بين الجانبين، ما يعكس عمق الترابط الاقتصادي العالمي رغم الانقسامات السياسية.
تراجع التعاون
أشار كيروز إلى أن العالم يشهد في الوقت ذاته تسارعاً مطرداً في تطور التكنولوجيا، مقابل تراجع في التعاون الدولي، مؤكداً أهمية وجود منصات مثل مجالس المستقبل العالمية، التي تغطي موضوعات تمتد من الجيوسياسة إلى الذكاء الاصطناعي والمستقبل الوظيفي، بهدف دعم صناع القرار بالتوصيات والحلول المستقبلية.
وكشف أن التقارير الصادرة عن المجالس تشير إلى أن الخسائر الناتجة عن الجرائم الرقمية بلغت نحو 5 تريليونات دولار العام الماضي، أي ما يعادل نحو 4 إلى 5% من الناتج الإجمالي العالمي، ما يستدعي تعزيز التعاون بين الدول والاستثمار في الأمن السيبراني والتكنولوجيا المتقدمة.
مشهد منقسم
عن واقع المنطقة العربية، أوضح كيروز أن المشهد منقسم بين دول الخليج التي تشهد استثمارات ضخمة في البنية التحتية واستقطاب الكفاءات، وفي مقدمتها الإمارات التي تتصدر جهود التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وبين دول أخرى ما زالت تواجه تحديات مالية وأمنية تحد من قدرتها على مواكبة التطورات، رغم امتلاكها طاقات بشرية واعدة تحتاج إلى بيئة مستقرة وسياسات تعليمية حديثة.
وبين أن دول المنطقة بحاجة إلى العمل على ثلاثة محاور رئيسية شملت الطاقة المتجددة، الحوسبة السحابية، وتنمية الكفاءات البشرية، مؤكدا أن العقل البشري يبقى العنصر الأهم في تقدم الذكاء الاصطناعي، ولفت إلى ان الموارد المادية ليست هي ما ينقص الدول، بل وضوح الأولويات، مشيراً إلى أن حوالي 60% من البرامج التعليمية في الدول العربية غير الخليجية تركز على الحفظ أكثر من التفكير النقدي، ما يستوجب تحولا في فلسفة التعليم من تلقين المعرفة إلى تنمية المهارات والقدرة على الابتكار.
الحل السحري
أوضح كيروز أن التكنولوجيا ليست الحل السحري للخلافات السياسية أو التجارية، لكنها يمكن أن تكون أداة لتقريب وجهات النظر وتعزيز القواسم المشتركة، لافتاً إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي يعمل مع شركاء من الصين وأمريكا والشرق الأوسط وإفريقيا لبناء أرضية مشتركة للحوار والتعاون.
وأكد أن الحكومات باتت تلعب دوراً محورياً في توجيه الاقتصاد العالمي، بعد أن كانت السوق الحرة هي النموذج السائد، موضحاً أن المرحلة المقبلة تتطلب من الحكومات أن تكون المحرك الرئيسي الذي ينسق الجهود الاقتصادية ويقود التحول التكنولوجي وفق رؤية موحدة.
0 تعليق