تجاوزات عمال توصيل الطلبات تنتهك حرمة البيوت

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ارتفع سقف تجاوزات بعض عمال توصيل الطلبات، وأصبح مرصوداً من أفراد المجتمع ومصحوباً بغضب، ومطالبات للجهات المعنية بتشغيلهم، بإخضاعهم لدورات تثقيفية عن كيفية مراعاة الآداب العامة والذوق واللياقة، مع مناشدة الجهات المختصة باستقدامهم، بالتأكد من عدم وجود مخالفات أو جرائم أخلاقية جرى رصدها لهم في بلدانهم ومعاقبتهم عليها. ويقوم بعض هؤلاء العمال، عند توصيل الطلبات، بطرق الباب بعنف، أو دق الجرس بشكل متواصل، محدثاً إزعاجاً وفزعاً لأهل البيت، وبمجرد أن يفتح أي من أفراد الأسرة الباب، يجد العامل الواقف شبه ملتصق به، من دون ترك مساحة صغيرة أو حتى مناسبة، بما في ذلك تفحصه السيدة التي تفتح له الباب لاستلام الطلبية، مع مد بصره لداخل المنزل، لرؤية ما بداخله، والتجول بنظراته لتبين أرجائه ونواحيه.


إضافة لذلك، عبر معظم أفراد المجتمع عن امتعاضهم من عدم ارتداء عمال التوصيل قفازات خاصة عند توصيل الأطعمة، مع ملاحظة كثر أن تغليفها لا يكون محكماً، ما يدخل الشك في إمكانية فتح العامل للطعام، أوعبثه به قبل توصيله، وحين مراجعة أحدهم أوسؤاله عن ذلك، يعلو الغضب وجهه، ويكسوه الضيق والامتعاض، ويظل يردد بلهجته كلمات غير مفهومة.
مساوئ بعض عمال توصيل الطلبات اليوم شملت مخالفات أخرى تصطف إلى جانب ما تحدثنا عنه مراراً من عدم التزامهم بقواعد ونظم السير والمرور، بما يربك الحركة المرورية، ويؤدي لوقوع الكثير من الحوادث.

ممارسات سلبية


عن افتقار بعض عمال التوصيل لثقافة وآداب التعامل، والحلول المطلوبة، قال محمد صالح آل علي رئيس لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: خدمة التوصيل أصبحت من أبرز سمات الحياة العصرية، حيث اختصرت الوقت، وسهّلت على الناس الحصول على احتياجاتهم، غير أن هذه الخدمة التي وُجدت لتيسير الحياة بدأت تشهد بعض الممارسات السلبية، والاستغلال غير المشروع، بما يهدد أهدافها الأساسية، ويثير تساؤلات حول حدود الرقابة والمسؤولية.


وقال: بالفعل نلاحظ أحياناً سلوكيات غير لائقة من بعض العاملين، مثل انتهاك الخصوصية أو عدم احترام آداب التعامل، سواء بطريقة الوقوف أمام المنزل، أو الاقتراب الزائد من الباب، من دون ترك مسافة آمنة، أو حتى أسلوب قرع الجرس بطريقة مزعجة، ومثل هذه التصرفات وإن بدت بسيطة، إلا أنها تمس حرمة وراحة الآخرين، وتعكس غياب الوعي والتدريب، والتوجيه السليم.
علاوة على ظاهرة إساءة استخدام خدمات التوصيل الخاصة بالأدوية، وتتركز أحياناً في استغلال هذه الوسيلة في نقل أدوية خاضعة للرقابة، أو مواد طبية قد تُستعمل لأغراض غير مشروعة، والذين يسعون لذلك هدفهم تحقيق مكاسب سريعة، عبر التحايل على القوانين، أو التعاون مع أطراف غير مرخصة، لتوصيل أدوية لا يجوز تداولها إلا بوصفة طبية.

الأطر القانونية


واصل آل علي: تكمن خطورة الأمر في أن الدواء ليس سلعة عادية، بل مادة تؤثر مباشرة في صحة الإنسان وحياته، وعندما تُستخدم وسيلة التوصيل خارج الأطر القانونية، تتحول من أداة خدمة إلى قناة تهريب أو ترويج لمواد محظورة، ما يفتح الباب أمام جرائم طبية وصحية، يصعب السيطرة عليها إن لم تُتخذ الإجراءات الوقائية الصارمة.
لذا لابد من وجود الرقابة المزدوجة على الشركات والمنصات التي تقدم خدمة التوصيل، بتسجيلها في الجهات المختصة، وإلزامها بتطبيق أنظمة تتبع دقيقة لكل طلبية، وخاصة الأدوية، وأيضاً فرض رقابة على العاملين، ومن المهم توعية الجمهور بعدم التعامل مع أي خدمة توصيل مجهولة المصدر، أو غير تابعة لجهة طبية معروفة.

أمان وانضباط


طرح آل علي عدداً من الحلول قائلاً: لضمان استدامة خدمة التوصيل بشكل آمن ومنضبط، يمكن تبنّي مجموعة من الإجراءات الوقائية، والتنظيمية، منها وضع معايير موحدة لترخيص شركات التوصيل خاصة التي تنقل الأدوية والمستحضرات الطبية، وإلحاق السائقين بدورات تدريبية في أخلاقيات التعامل، وطرق التواصل مع العملاء باحترام واحترافية، واستخدام أنظمة تتبع رقمية ذكية، تتيح للجهات الرقابية مراقبة مسار الطلبات، وتنظيم حملات توعوية عامة، تُعرّف الأفراد بحقوقهم وواجباتهم، عند استخدام خدمات التوصيل، وتشجع على الإبلاغ عن أي ممارسات.


إلى جانب توثيق عمليات التسليم، مع تشديد العقوبات على أي جهة، أو شخص يثبت تورطه في نقل مواد أو أدوية محظورة، باستخدام وسائل التوصيل ما يعزز التعاون بين الجهات الأمنية والصحية، لضبط أي عمليات مشبوهة أو غير قانونية في هذا المجال.
وبشكل عام، نجاح منظومة التوصيل في المجتمع لا يتحقق فقط بالسرعة والدقة، بل بالالتزام بالأخلاق والمسؤولية واحترام القوانين.

تصرفات متجاوزة


تحفّظ د. أحمد النقبي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، على السلوكيات غير السوية التي تصدر من بعض عمال التوصيل، وتؤثر سلباً في جودة الخدمة وراحة العميل، قائلاً: من أبرز هذه المشاكل التأخير المتعمد في توصيل الطلبات، حيث يتسبب العامل في وصول الطعام إما بارداً أو غير صالح للأكل، رغم أن التطبيق يحدد وقتاً دقيقاً للتوصيل، كما أن بعض العمال لا يلتزمون بالأدب واللباقة عند التواصل مع الزبائن.
وتمت ملاحظة وقوف عامل التوصيل بشكل ملاصق للباب، ما يُعد تصرفاً غير مناسب، ويُشعر البعض بعدم الارتياح، لذا من الأفضل ترك مسافة كافية بين العامل والباب عند التوصيل، لأن هذا الأمر مزعج وغير محترم، ويسبب توتراً، ويناقض القيم والعادات التي تربّى عليها مجتمعنا المحافظ، لذا من المهم التذكير بأن السلوكيات والأفعال غير اللائقة، لا تمثل عاداتنا الأصيلة المبنية على الاحترام والخصوصية.

إثارة الشكوك


أضاف د. النقبي: أيضاً من السلوكيات المرفوضة قيام البعض بفتح الطلب أو العبث به، ما يثير الشكوك حول نظافة وسلامة الطعام، كما أن بعض عمال التوصيل -كما سمعت-قد يتعمدون الاتصال المتكرر، أو إرسال رسائل غير مهنية، ما يشكل انتهاكاً لخصوصية العميل، كذلك هناك من يستخدم المركبة بشكل متهور، ما يعرض حياته والآخرين للخطر.


وانتهي د. النقبي للقول: رغم أن هذه التصرفات لا تمثل جميع العاملين، فإنها تسيء للمنظومة ككل، لذا من الضروري أن تفرض شركات التوصيل رقابة صارمة، وتدريبات أخلاقية وسلوكية للعاملين، بالشراكة بين الشركة وجهة حكومية تعنى بالتدريب، بهدف التوافق في رسم أهداف وخطط معنية بهذا الموضوع المهم، لضمان جودة الخدمة، واحترام العميل، ونؤكد هنا دور الجهات الحكومية في الرقابة والتدخل، والتصرف الفوري في مثل هذه الأمور، كفرض تشريعات وقوانين صارمة، خاصة أن هؤلاء العمال هم الواجهة لشركاتهم، وتصرفاتهم تعكس صورتها.

انتهاك الخصوصية


قال د. محمد بن هويدن: سلبيات عمال التوصيل تتركز في انتهاك خصوصية البيوت، حيث طلبات التوصيل قد تؤدي إلى دخول الغرباء إلى مداخل البيوت، أو الاقتراب من النوافذ والأبواب، ما يكشف ما بداخل المنزل من دون قصد، فيما البيت في الإسلام له حرمة عظيمة، وأوجب احترام خصوصيتها، وعدم الدخول أو الاقتراب إلا بإذنٍ واضح.
وأيضاً من السلبيات ضعف الالتزام بآداب الاستئذان، حيث إن بعض السائقين يقفون مباشرة عند الباب أو يطرقونه بطريقة مزعجة، أو يلتقطون صوراً لإثبات التسليم من دون استئذان، ما يُعد مخالفة لآداب الاستئذان الشرعية التي تحفظ ستر الناس وأعراضهم، علاوة على احتمال كشف العورات أو المحرمات، حيث قد يفتح الباب أحد أهل البيت - خصوصاً النساء أو الأطفال – من غير احتياط، فيُرون في وضع غير مناسب، ما يسبب حرجاً، ويمس بحرمة المنزل، إلى جانب تكرار دخول الغرباء وضعف الحياء العام، فكثرة دخول العمال، أو اقترابهم من البيوت، يضعف مفهوم «حرمة البيت» في نفوس الناس.
وخلص إلى أن طلبات التوصيل رغم فائدتها، قد تترك آثاراً سلبية على حرمة البيوت إذا لم تنظَّم بطريقة شرعية ومؤدبة، لذلك يُنصح بتسليم الطلبات عند الباب الخارجي أو عند الحارس.

مسؤولية الشركات


ذهب رجل الأعمال عبدالله الكتبي، إلى أن هناك الكثير من التصرفات غير اللائقة التي يرتكبها بعض عمال توصيل الطلبات، إضافة لتسببهم في وقوع العديد من الحوادث المرورية، بفعل السرعة، وعدم الالتزام بقواعد السير على الطرق، لرغبتهم في توصيل الطلبات بأسرع وقت والعودة للشركة مرة أخرى لنقل طلبات أخرى، للتمكن من تحقيق الربح المحدد الذي فرضته على الواحد منهم، وبالتالي الحصول على العمولة التي تعد بمنزلة الراتب الشهري، ولكن اللوم لا يقع على هذا العامل فهو مضطر لأن يحقق المطلوب منه، وإلا فلن يحصل على راتب يسد حاجته.
وحدد بعض تصرفاتهم السلبية، في عبث بعضهم في الطعام، وإزعاجهم لصاحب الطلب والتلصص على أبواب البيوت، والشقق السكنية، مضيفاً: المسؤولية في هذه السلوكيات تعود على أصحاب الشركات، الذين عليهم إخضاع هؤلاء العمال لدورات تثقيفية على آداب التعامل باحترام والتزام وكياسة، وبأسلوب لائق، مع الوقوف على تصرفات كل عامل وأخلاقه، قبل تشغيله، ومراقبته لاحقاً، ومحاسبته حال التجاوز.
وعلى الجهات المختصة تنبيه شركات التوصيل بالتشديد على هذه العمالة، وتوعيتهم بالمحافظة على أسرار عملهم، بالامتناع تماماً عن نقل أي منهم معلومة أو موقع لأي كان، تجنباً لاستخدامها في ارتكاب أفعال إجرامية من السرقة أو غيرها من الجرائم الخطرة على المتعاملين من أصحاب المنازل والعقارات.
كما يجب منع سائقي دراجات أو سيارات الطلبات من دخول أي دائرة أو مؤسسة حكومية أو شبه حكومية بتاتاً، للحفاظ على خصوصية هذه الأماكن، من أي اختراق، أو نقل معلومات، أو تصوير.

فعل هجين


نحسم الأقوال بالرأي القانوني، حيث أكدت المحامية منوهة هاشم، أن القوانين على اختلافها كفلت الحياة الكريمة في جميع المجتمعات، من خلال قوانين ولوائح تكرس الأمن والطمأنينة في صدور الناس، بما يعد حق مشروع للجميع بلا منازع بأي حال من الأحوال، فضلاً عن أنه من أولويات الدولة، احترام الحياة الخاصة لجميع القاطنين بلا استثناء، كونها من الأمور المؤكدة في جميع القوانين والأديان.
وقالت: خلال الفترة الماضية تكشفت ظاهرة مؤسفة، تمثلت في تجاوزات بعض العاملين في شركات توصيل الطلبات، من خلال استراق النظر والسمع للبيوت، ومحاولة إجراء محادثات جانبية مع من يتسلم الطلبية من تلك، وهذا فعل هجين على مجتمعاتنا العربية، والجميع يعلم أن الشريعة الإسلامية وضعت حداً لحرمة البيوت والمنازل، كما حث ديننا على الاستئذان في كثير من المواضع سواء في القرآن الكريم أو السنة المشرفة.
وما سبق دفع بعض أرباب البيوت لتقديم شكاوى للجهات المعنية والتي يلتحق بها هؤلاء من باب متابعة الأمر، فمجتمعنا محافظ على الحياة الخاصة والخصوصية تحديداً، والغرض الأسمى هو الحفاظ على سلامة القاطنين جميعاً من هذه التجاوزات التي قد تؤدي لأمور لا تحمد عقباها.

القول القانوني


أوضحت منوهة هاشم، أن المشرع الإماراتي جاء في نص المادة (474) من قانون الجرائم والعقوبات بأنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف درهم كل من دخل مكاناً مسكوناً، أو معداً للسكن، أو إحدى ملحقاته، أو محلاً معداً لحفظ المال، أو عقاراً، خلافاً لإرادة صاحب الشأن وفي غير الأحوال المبينة في القانون، وكذلك من بقي فيه خلافاً لإرادة من له الحق في إخراجه».
وانتهت لقولها: هناك نساء وأطفال ومسنّون في هذه المساكن، من الواجب المحافظة عليهم، حتى من النظرة التي تخفي وراءها الشيء الكثير، والحمد لله القانون موجود، وليحفظ الله الإمارات، وكل من يحترم القانون، ويسعى للنظام والانضباط، وعيش الحياة الكريمة، في أرض فتحت مصراعيها للجميع.

التعامل الجيد


نوه المحامي محمد جبر السويدي، إلى أنه مع وجود خدمة شراء البضائع المختلفة بما فيها الأغذية «أون لاين» والمواقع، وتوصيلها للمنازل بواسطة عمال تابعين لشركات، فقد كثر ترددهم بكثرة على أبواب معظم هذه البيوت التي أغلبها عائلية، ما قد يعرض أصحابها إلى بعض التصرفات غير اللائقة، التي ربما تصل إلى حد ارتكاب جرائم، خاصةً إذا تجاوز العامل، ودلف إلى داخل البيت من دون إذن، أو إذا تحرش بأي من الخادمات أو من يستلمن منه الطلب. وقال: بالفعل تتعدى تجاوزات بعض عمال التوصيل حد الالتزام بالأدب والاحترام والذوق، لذا إذا بدر من أي منهم فعل مريب أو تصرف غير صحيح، علينا التواصل مع الشركة التابع لها، وتقديم شكوى بحقه، لتأديب هذا العامل، إما بفصله من العمل أو إنذاره، أو تحذيره، حتى لا يتمادى، فيما علينا بشكل عام التعامل مع هذه الفئة بشكل جيد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق